أخبار وطنية سامي بن سلامة يتحدّث عن استقالة محمد تليلي المنصري ويعتبر انها متوقعة من" رئيس كان في عنق زجاجة"
أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري عن استقالته من رئاسة الهيئة مع المحافظة على العضوية، في هذا الاطار اعتبر العضو السابق في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سامي بن سلامة أنّ هذه الاستقالة لم تكن مفاجأة إذ كانت أكثر من متوقعة من رئيس كان في عنق زجاجة ولم يكن لديه في الحقيقة أي خيار آخر على حد تعبيره.
وأضاف بن سلامة في اصدار فايسبوكي نشره على صفحته الخاصة أنه وحسب الملف المقدم ضده محمد التليلي المنصري كان يجدر به أن يتحلى بشيء من الذكاء والإستقالة قبل وصول الملف لمجلس نواب الشعب..
وتابع في ذات تدوينته ما يلي:" لم يكن من الممكن منطقيا لمجلس نواب الشعب يوم التصويت على عملية الإعفاء سوى المصادقة وإقرار قرار مجلس الهيئة.. هذا منطقيا طبعا..
لكن تخضع جميع قرارات المجلس للأغلبية التي لم تكن لتخجل من اتخاذ أي قرار ولو كان مخالفا للمنطق وللقانون..
أسباب متعددة كانت ترجح استقالة المنصري..
السبب الأول أن التهم الموجهة للرئيس المعفى خطيرة وثابتة
السبب الثاني أن عملية التصويت كانت ستشمل الإعفاء من الرئاسة والإعفاء من العضوية إذ لا يفرق القانون بين الحالتين..
وكان رئيس هيئة نجح في عقد الإنتخابات في موعدها بخروقاتها الكثيرة سيطرد من الهيئة نهائيا..
هل قصر المنصري في أداء مهامه وهل الآخرين من أعضاء المجلس أفضل منه ؟
لا يمكنني إصدار حكم في الموضوع بكل صراحة إلا بعد إجراء عملية تقييم لأداء جميع أعضاء مجلس الهيئة..
هل ارتكب الآخرون أخطاء جسيمة ؟
من المتوقع أن يكونوا ارتكبوا نفس الأخطاء والتجاوزات بأضعاف ما ينسبونه للمنصري..
لماذا لم يقدم المنصري ملفا قويا من جانبه ؟
هل لأنه لا يسيطر على الإدارة ولا يمكنه الحصول على أية ملفات ؟
كانت الخيارات منعدمة أمام الرئيس السابق للإحتفاظ على الأقل بعضوية الهيئة ..
إما الإستقالة أو الذهاب برجليه إلى المحرقة باستمراره في العناد والمكابرة وكان عندها أمام احتمالين:
- ربح التصويت وتثبيته في مكانه من قبل نواب الشعب وعندها كانت ستنفجر في وجهه قنبلة انشطارية ستودي برئاسته وتهدد بإدخاله للسجن إذ أن هنالك ملف لدى بقية الأعضاء يقال أنه يتعلق بتدليس المنصري للتقريرالنهائي لإنتخابات ألمانيا الجزئية.
- خسارة التصويت وخسارة الرئاسة والعضوية في آن.. مع احتمال تحرك النيابة العمومية في قضية تقرير انتخابات ألمانيا.
يحاول المنصري حاليا إنقاذ رأسه ويبدو أنه تفاهم مع الأعضاء على الإستقالة من الرئاسة مع الإحتفاظ بعضوية شكلية في مجلس الهيئة للتغاضي عن ملف التدليس الموجه إليه..
لا نعلم إلى الآن موقف مجلس نواب الشعب وإن كان سيواصل النظر في قضية الإعفاء أم أنه سيتخلى عن الملف بناء على "التسوية" التي تمت والتي يجهل الرأي العام والإعلامييون أغلب تفاصيلها..
ما يهمني في هذا الإطار حاليا..
لدينا رئيس هيئة سابق في موقف ضعف وهوان لم يسبقه له فيه سوى السيد صرصار الذي خير منذ البداية الإستقالة لكي لا تعرف قضيته (بعد أن هدد بملف معين.. الملف "ث") الأطوار التي عرفتها قضية السيد المنصري.
ما حصل منذ 2014 تاريخ استيلاء حزب حركة النهضة على هيئة الإنتخابات بتنصيبها صرصار ومن معه على رأسها أضعف الهيئة وضرب استقلاليتها وقضى على مصداقيتها.
ويبدو أن أطراف سياسية قوية وقوى "غير معلومة" تحرك الرئيس كما تحرك بعض الأعضاء وتشير لهم بالقرارات المناسبة...
وهي نفس الأطراف التي ستنصب الرئيس المقبل.. والذي سيكون أشنع من المنصري بألف مرة..ولدي فكرة جيدة عن ذلك للأسف..
دخلت هيئة الانتخابات في نفق مظلم منذ جانفي 2014 ولن تقوم لها قائمة بعد الآن.
وبقطع النظر عن المناورات السياسية وعن تلاعب البعض بمصير هيئة الإنتخابات تحسبا لاستحقاقات 2019 الرئاسية والتشريعية فإنه على الجميع أن يتأكد وكما أعلنت ذلك منذ سنوات..
ليس الهدف إجراء الانتخابات في موعدها..
وليس الهدف وجود لمحة من الإستقلالية..
وليس الهدف أن يحتفل المانحون الأجانب بانجازاتنا الإنتخابية ويصدرون التقارير المعدة سلفا في ذلك..
الهدف كان بعث هيئة مستقلة فعلا تتكون من أناس مستقلين فعلا.. يتمركزون فوق السلط والأحزاب ولا يخضعون لأحد.. يتموقعون كحكم للمرحلة الإنتقالية ولا تأخذهم شفقة ولا رحمة بأحد في تطبيق القانون..
فشلنا في تحقيق هذا الهدف باستثناء فاصل الهيئة الأولى التي حققت انجاز انتخابات 23 أكتوبر 2011..
ونحن حاليا أمام تساؤلات كبيرة:
ما علاقة الصراع داخل الهيئة برغبة تبدو معلنة في إرجاء موعد 2019 ؟
هل أن هنالك من هو على درجة من البلاهة ليعتقد للحظة أن الثمانية أعضاء المتبقين موحدين وعلى كلمة رجل واحد بعد التخلص من المنصري ؟
سينقسمون حتما إلى معسكرين إن لم أكثر وسيتقاتلون..
لماذا ؟
لأن المصالح متضاربة..
لأن الضغوطات من خارج الهيئة عنيفة جدا..
لقد تيقن الجميع اليوم أن الحكم الذي اختاروه لنا يحتاج هو ذاته إلى حكام ومراقبي خطوط وشرطة عسكرية لتلافي اندلاع قتال بالأسلحة الثقيلة في باحة الهيئة..
يوم نتأكد أننا فاشلون وأن نخاطر بمسار الانتقال الديمقراطي بهيئة خاضعة للصراعات والتعليمات وتصفية الحسابات ويشقها التطاحن والرمي بالملفات سنجد الحل.. ولو كان وقتيا.."